مقالة حول أمراض الشخصية (العوامل التي تجعل الشخصية إما مريضة أو سوية).
الأسئلة:-هل التحكم في السلوك معيار الشخصية السوية؟-متى تكون الشخصية سوية؟-يقال إن وحدة الأنا هي معيار توازن الشخصية, كيف تفهم هذه العبارة؟- المقدمة: يعتبر الإنسان في نظر علماء الاجتماع [كائن مدني بطبعه], يتعامل مع غيره ويسعى باستمرار إلى التكيّف مع مختلف المواقف لكن من الناحية الواقعية لكل فرد أسلوبه في التفكير [ومزاجه ومواهبه وقدراته الخاصة] هذا التميّز والاختلاف يعرف في الفلسفة وعلم النفس بمصطلح الشخصية غير أ أمراض الشخصية والعوامل المتحكمة فيها مسألة تحتاج إلى استقصاء ويمكن صياغة ذلك في التساؤل التالي:كيف يمكن اعتبار التحكم في السلوك أساس الشخصية السويّة؟1/طبيعة الشيء : لا شكّ أن الدراسة الفلسفية العميقة والصحيحة تقتضي ضبط المصطلحات وقد شاع عن الفقهاء أن{الحكم على الشيء فرع من تصوّره}, والشخصية من حيث هي تصوّر فلسفي تعني التميّز أما عند علماء النفس فهي {ذلك الكلّ المركب من الجوانب العضوية والنفسية والاجتماعية المتفاعلة التي تميّز فردًا عن آخر} والتي تتميّز بخصائص الوحدة أو ما يعرف في الفلسفة بـ "الأنا" وكذا التغيّر لأن الشخصية تنمو وتتطوّر حتى أن "آلبرت" قال{لا يولد الطفل بشخصية كاملة التكوين وإنّما يبدأ بتكوينها منذ الولادة}, وأبسط تعريف هو تعريف "جميل صليبا" حيث قال في معجمه الفلسفي{الشخصية هي جملة الخصائص الجسمية والوجدانية والعقلية التي تجدّد هوية الفرد وتميّزه عن غيره}, والشخصية السوية هي الشخصية المتكاملة التي وصفها الدكتور"يوسف مراد" بقوله {الشخص المتكامل يدرك تماما النواحي المختلفة للمواقف التي تواجهه ثم يربطها بخبرته السابقة من أجل بناء استجابة تكيّفية ناجحة}, ومعنى ذلك أن الشخصية السويّة هي التي تتصف بالقدرة على التحكّم في السلوك أي التوازن العضوي والنفسي والاجتماعي وهذا التوازن له شروطه وأسبابه.إثبات وجود الشيء : أكّدت بحوث علم النفس أن موضوع الشخصية السوية يقترن بالأمراض النفسية المختلفة والتي تنقسم في نظرهم إلى قسمين: أمراض العُصاب {إنها حالة من القلق الشديد بانعدام الأمن والعلاقات الاجتماعية غير المرضية} ومثال ذلك الهستيريا ويجسّده حالة الزوجة وجدت صعوبة في ابتلاع الطعام وتبيّن أن الأسباب نفسية (رفضها النفسي لمعاملة أم الزوج لزوجها) أما أمراض الذهان {فهي اختلال شديد في الشخصية وفقدان الصلة مع الواقع} ومن هذا المنطلق حصر العلماء أسباب أمراض الشخصية في ثلاثة جوانب: الجانب العضوي وقصدوا بذلك توازن الغدد فهي في نظر "ويليم جيمس"المسؤولة عن عواطف المرأة الشابة وانفعالات الشيخ الكبير وقال "هوسكوتر"{إننا ندين لغددنا بجزء غير يسير مما نحن عليه}ومن بين الأسباب أيضا تأثير العوامل النفسية حيث رأى "فرويد" أن [الشخصية السويّة]هي التي يستطيع فيها الأنا إحداث توازن بين مطالب (الهوّ)وأوامر ونواهي(الأنا الأعلى) وإذا عجز يغلب على الشخصية الكبت ويتجلى ذلك في أمراض كثيرة, أما على المستوى الاجتماعي فالشخص السويّ [هو الذي يألف ويؤلف]كما ذهب إلى ذلك الرسول صلى الله عليه وسلّم.3/قيمة الشيء :إن الشخصية السوية تمنح لصاحبها مزايا كثيرة فهي تؤهله لمواجهة الحياة مواجهة ايجابية أي يغلب على الإنسان التفكير العقلاني لا الاندفاع العاطفي وكما قال "كارل بوبر" {التعقّل هو الموقف الذي يقفه المرء مستعدًّا للإصغاء للحجج النقدية والتعلّم من التجربة} ومن صفات الشخص السويّ القدرة على إسعاد الآخرين والإحساس بطعم السعادة فهي شخصية معتدلة شعارها[قد أكون مخطئا وقد تكون أنت مصيبا] هذه الشخصية تعمل بأسلوب هادئ ومفيد يغلب عليها النظرة العقلانية التي من خلالها توازن بين الدنيا والآخرة مصداق لـ"قوله تعالى" {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحبّ المفسدين}.II- الخاتمة : ومجمل القول. . . . أن الشخصية ترمز إلى بحث فلسفي قديم حاول فيه الفلاسفة دراسة العلاقة بين [الروح والجسد] وبحث ابن سينا وغيره موضوع الأنا لكن في العصر الحديث ومع ظهور مدارس علم النفس انتقل البحث إلى أمراض الشخصية والتي هي إشكالية محورية في مقالنا هذا ذات طابع استقصائي فيها ضبطنا مختلف المفاهيم المتعلقة بالشخصية وأثبتنا بالحجة والبرهان تأثير الجوانب العضوية والنفسية والاجتماعية واستخلصنا المزايا والايجابيات ومن كل ذلك نستنتج: تكون الشخصية سوية إذا كان هناك توازن عضوي ونفسي واجتماعي.