الواقعية
الواقعية على شكل اتجاه أدبي في القرن 19 وق20 تحت تأثير مزدوج لنهوض العلم والعقلانية الفلسفية ورد فعل على الافراطات العاطفية المتصلة بالحركة الرومانسية وفي البداية لم يكن لهذا المذهب أسس نظرية بل كان اتجاها عاما يشمل كثيرا من نواحي النشاط الروحي فقد بدأت في الرسم على يد –كوربيه- الفرنسي 1819 ثم نقل الدعوة إلى الأدب –شاتفلوري- وكتب مجموعة مقالات عنوانها ى-الواقعية- سنة 1821 لكن إميل زولا الفرنسي 1840 هو الذي بلغ الدعوة إلى الواقعية قمتها متأثرا بكتاب –الطب التجريبي- لكلود برنارد 1813 . وللمدرسة الواقعية ثلاث اتجاهات
ا- الواقعية الانتقادية : ويتزعمها فلوبير الانجليزي وتولستوي ودوستويفسكي من الروس وكافكا وايتس من النرويج وويليم فوكز الأمريكي وهؤلاء جميعا يقفون موقفا انتقاديا إزاء المجتمع بحالته الراهنة
ب- الواقعية الطبيعية : عمل الواقعيون الطبيعيين على توثيق صلة الأدب بالحياة فراحو يصورون الواقع الاجتماعي بمختلف ابعاده واستعانو بالعلوم التجريبية العصرية واخذو يطبقون نظرياتهم في أدبهم زمن روادها – اميل زولا- داروين –كلود برنارد- تين- بلزاك –فلوبير- وقد أطلق أمين زولا باسم الطبيعة على هذا الاتجاه
ج- الواقعية الاشتراكية – الجديدة- : وضع مكسيم غوركي هذا المصطلح – الاشتراكية – لتميز هذا الاتجاه الأدبي عن الاتجاهات الواقعية الأخرى ، والواقعية الاشتراكية حصيلة الماركسية إلى الفن والأدب ، كما هي حصيلة التجربة الأدبية المعاصرة لكتاب الاتحاد السوفياتي والبلدان الاشتراكية الأخرى والموقف المشترك لهؤلاء الأدباء هو الالتزام بأهداف الطبقة العاملة والنظال في سبيل الاشتراكية ومن أعلامها : ماياكوسفيكي- بوري بوريف – خمزنوف -
والمذهب الواقعي بصفة عامة اتجه إلى القصة والمسرحية ودعا مثل سابقيه إلى الموضوعية في الخلق والإبداع الأدبي والملاحظة الدقيقة والثورة على شرور الحياة والثقة بقدرة العلم على حل مشكلات الإنسان
الواقعية في الأدب العربي الحديث: الحق أن الكتابة الواقعية القديمة،ففي الاتباعية العربية كثير من الهتافات العظيمة التي تتجه إلى الواقع بغية إصلاحه وتطويره ولكن المذهب في إطار الفلسفة الواقعية لم تحدد نظرياته الدقيقة لا على أيدي جماعة من الأدباء الذين آمنوا بقدرة الكلمة على الكفاح والهجوم على الواقع الفاسد لتدميره تدميرا شاملا وإعادة بناءه وترقيته وهناك من النقاد من يربط ظهور المذهب الواقعي في الأدب العربي الحديث بتأثيرات المدرسة الواقعية الروسية والغربية ولكن الحقيقة أن أسسها مستوحى من واقع الشعوب العربية المر ويصعب تحديد السنة التي ولد فيها المذهب الواقعي في أدبنا الحديث ويعد محمود تيمور الواقعي الأول بقصصه القصيرة متأثرا بالكاتب الفرنسي دي موباسان – وتوفيق الحكيم في يوميات نائب في الأرياف- طه حسين في المعذبون في الأرض ثم توالت القصص الواقعية في شتى أقطار الوطن العربي متناولة مختلف القضايا السياسية والاجتماعية التي تعيشها الأمة العربية وقد سادت الواقعية الأدب الجزائري وظهرت بوضوح عند الكتاب المفرنسين وعلى رأسهم مولود فرعون في روايته – ابن الفقير- التي يصف فيها نشأته المعذبة وحياة الفلاحين البائة كما سلك هذا الاتجاه محمد ديب الذي عمل محاسبا،نساجا،معلما،صحافيا، وقد انعكست هذه التجارب على أدبه وجعلته أكثر التصاقا بالواقع فنجده يهاجم المستعمر وعملائه في رواية الحريق وهكذا اتل الأديب العربي بالحياة اتصالا وثيقا والتزم في إنتاجه بمشكلات المجتمع
وتتميز الواقعية بالخصائص الآتية:
- وضوح الأفكار – الاهتمام بالحبكة في القصة والمسرحية- التفنن في طرق التناول والمعالجة – عدم المبالغة في العناية بالأسلوب.
تطور الشعر الموضوعي وخصائصه
يتضمن الشعر الموضوعي , الشعر القصصي والمسرحي والملحمي الشعر القصصي : هو ل شعر يتناول قصة حدثت في الواقع , أو يحتمل وقوعها , بشيء من التفصيل , باعتماد أهم عناصر القصة , وهي السرد والوصف والحوار . وهذا اللون قليل في أدبنا العربي إذ أن الأدب العربي القديم في معظمه غنائي النزعة وجداني الطابع , يعنى بإبراز عواطف الشعراء الذاتية , وتبين مواقفهم من الحياة واهتماماتهم فيها . ومما جاء منه " من قصص الكرم للحطيئة , وكليلة ودمنة لإبان اللاحقي " .
أما في العصر الحديث , فقد اهتم عدد من الشعراء بهذا النمط من الشعر , منهم خليل مطران , ومعروف الرصافي وأحمد شوقي الذي يعد رائدا فيه .
ويتميز الشعر القصصي بأنه شعر موزون مقفى يقدم قصة متكاملة لأجزاء متناسقة العناصر, وأهم سماتها :
ــ السرد: ويشتمل على أحداث القصة
ــ الوصف : ويحتوي على إبراز سمات أشخاص القصة وبيئتهم
ــ الحوار : وهو ما يجري على ألسنة أشخاص القصة من حديث .
وبالإضافة إلى هذه العناصر التنويع في أساليب التعبير كالاستفهام , والتعجب , والتوكيد , والنفي , والشرط والعرض ...
الشعر المسرحي : شعر يتناول قصة تعتمد على الحوار ينظم ليمثل على خشبة المسرح .
والمسرحية الشعرية إما مأساة , تتميز بأنها تتناول حوادث مؤلمة تثير الشفقة والخوف , وتنتهي دوما بفاجعة تتمثل في انهزام أو موت أو انتحار . وإما ملهاة , تتميز بخفة موضوعها , وطرافة حوادثها , وتهدف إلى الفكاهة وإضحاك الجمهور وتنتهي في الغالب بنهاية سعيدة . وإما دراما , يجمع فيها الشاعر بين عناصر المأساة وعناصر الملهاة .
وإما مغناة , تتميز بأن أشخاصها يغنون أدوارهم كلها أو معظمها .
والمسرحية تقسم عادة إلى فصول , والفصول بدورها تقسم إلى مشاهد . ومن أساسياتها الحوار والصراع , وتقوم المسرحية على عناصر وهي : العرض , والعقدة , والحل . ففي العرض يتناول أحداثا تمهيدية , وعرض شخصيات المسرحية . وأما العقدة فهي لحظة تأزم الأحداث . وأما الحل فهو النتيجة التي يفضي إليها التأزم , ويكون دمويا في المأساة , وسعيدا في الملهاة .
والشعر المسرحي من الفنون المستحدثة في أدبنا العربي , رغم احتكاك العرب بالثقافة اليونانية , ومع ذلك لم يعرفوا هذا الفن , بقدر ما غرفوا علم المنطق والفلسفة والرياضيات , ولعل هذا يعود إلى تعارض الديانة الوثنية مع الديانة الإسلامية , وغنائية الشعر العربي , وصعوبة تطيعه للحوار بسبب الوزن والقافية . فلم ينقل في مجال الأدب سوى البلاغة والشعر لأر سطو ( الريتوريقا ) أي الخطابة , و(البويتكا ) أي الشعر . ولهذا يعد فن الشعر حيث النشأة في أدبنا , ولا يزال إلى اليوم يتلمس سبيله إلى النضج والأصالة , ويعود الفضل في اقتحام هذا اللون الأدب العربي إلى الشيخ خليل اليازجي الذي ألف أول مسرحية شعرية سنة 1876 م بعنوان ( المروءة والوفاء ) . وبقي الشعر المسرحي بدائيا إلى أن جاء أحمد شوقي ونهض به , وطوع بيت الشعر العربي
للحوار , وتفنن في تنويع الأوزان والقوافي متأثرا بالمسرح الفرنسي الكلاسيكي من حيث استمداد الموضوعات من التاريخ القديم . واختيار أبطالها من علية القوم , واحتفاؤه باللغة الراقية , ثم جاء عزيز أباظة واقتدى بشوقي وجرى على أثره , فنظم مسرحية ( العباسة أخت الرشيد ـ والناصرـ قيس ولبنى ـ شهريار ) ويرى بعض النقاد أن مسرحيات أباظة التاريخية أقوى من مسرحيات شوقي من حيث الجانب الفني . ولم يمض هذا الفن قدما نحو التطور لمنافسة بعض الفنون الأخرى له , ولأنه لم يلق إقبالا كافيا من الجمهور بسبب سموق مستواه اللغوي .
الشعر الملحمي : شغر يتناول بطولات أمة أو شعب فيروي أخبارها , ويصف معاركها , ويعدد خوار قها ومعجزاتها , وتنقسم الملاحم إلى نوعين هما :
ــ الملحمة الطبيعية : وتظهر في صفوف الشعب ظهورا تلقائيا , فتدور على الألسنة , فيشترك الناس في بنائها بشكل عفوي , ثم يقوم الشاعر بإخراجها عملا فنيا , خاضعا لنسق محكم وتسلسل صحيح . ومن نماذجها إلياذة وأوديسة هوميروس , وإلياذة الجزائر لمفدي زكريا.
ــ الملحمة المصطنعة : وهي التي ينشئها شاعر مقتدر في زمان ما , ويتناول فيها موضوعا يهم شعبه بأسره .
ومن نماذجها , إنياذة فرجيل , وشاهنامة الفردوسي .
والشعر الملحمي من الفنون المستحدثة في أدبنا العربي , فلم يظهر إلا في النصف الأول من القرن العشرين , حيث ألف شفيق معلوف ملحمة بعنوان ( عبقر ) ونظم محمد توفيق ( المعلقة الإسلامية ) , وألف جميل صدقي الزهاوي ( ثورة في جحيم ) , وفوزي المعلوف ( على بساط الريح ) وكان شوقي قد نظم ملحمة من 264 بيتا تناول فيها تاريخ مصر من عهد الفراعنة إلى العصر الحديث . وفي الجزائر ألف مفدي زكريا (إلياذة الجزائر ) تناول فيها تاريخ الجزائر , يتغنى بأمجادها وانتصاراتها . وتتميز الملحمة بالخصائص الآتية :
أ ــ الملاحم اليونانية والغربية القديمة : تمتزج فيها الأسطورة مع الحقيقة والخيال مع الواقع , أبطالها خرافيون يتصفون بقدرات تفوق قدرات البشر , وبأمزجة بدائية سريعة التلون والتحول , يشارك في أحدثها آلهة وأنصاف آلهة .
ب ــ الملاحم العربية المستحدثة : تتناول تاريخ الأمة العربية , وجوانب من حيوات شعوبها , مقتصرة على الشخصيات التي كان لها أثر في الأحداث , فمفدي زكريا مثلا تناول في إلياذته حقائق تاريخية معروفة ليس فيها من الخوارق والشخصيات الخرافية التي تعج بها الملاحم اليونانية والغربية .
وإذا كان الطابع الموضوعي يميز الملاحم الغربية القديمة فإن الملاحم العربية يغلب عليها الطابع الغنائي تحس فيها بذاتية الشاعر وكأنه يتحدث إليك ويعبر لك عن أحاسيسه ومواقفه , بالإضافة إلى الطابع القصصي الذي يعد السمة البارزة في الشعر الملحمي العربي , والذي لا يظهر بوضوح في الملاحم العربية المستحدثة .